Thursday, June 4, 2020

هان الود عليه

وقفت تنتظر خارج متجر الأنتيكات والتحف المفضل لديهما والذي قضيا أجمل أيامهما حوله وداخله ،يتناوبان نوستالجيا الأشياء التي حددت ملامح طفولتهما 
لم تعرف كم من الوقت قد مر وهي جالسة على حوض شجرة البونسيانا الصغير تتظاهر أنها تقرأ كتاباً ضخماً كمن تحاول درء العيون المتلصصة والفضول الذي ربما سيتضاعف كلما مر بجانبها أحدهم في هذا الممر الضيق .
هي لاتعرف متى سيمر من هنا، فهما لم يتواعدا على اللقاء ،فقد فقدت رقم هاتفه للأسف على مر السنوات الطويلة التي لم يتقابلا فيها، لكنها لم تفقد إحساسها بطيف روحه الجميل الذي يزورها كثيرا كلما ثقلت أحزانها وفاضت 
وحدها ذكريات لقاءاتهما هي التي رسخت في ذاكرتها من بين كل تلك الحواديت التي ارتطمت بطريقها 

اللي فات وياك يا روحي بعود اليه ...
و اللي عشته معاك رجعت أعيش عليه أعيش عليه أعيش عليه.......

فكروني ازاي هو انا نسيتك !قالتها في نفسها عندما سمعت تلك الأغنية تنطلق من داخل متجرها المفضل ،انطلقت كأنها تقول لها أنها تعرف بانتظارها هنا وتعرف قصتهما جيدا وأن هذه نفس زاوية أشعة الشمس بتوقيت  كل الصدف التي جمعتهما بعد قرار الفراق.

بعدما طال انتظارها ويأست من مجيئه ، بدأت تتمشا ببطء في اتجاه ذلك المقهى المنزوي في الزقاق الذي يسبق مسرح سيد درويش  
دخلت وجلست تنتظر مجددا .. لاشئ سوى قهوتها المظبوطة مع صوت سيد مكاوي المبهج القادر على تشتيت مزاجها بعيدا

تأملت الجدران المطلية بإهمال .. لازالت تحمل تحمل جزءاً صغيرا من الجدارية  التي قررا يوما ما أن يقوما برسمها وإهدائها لصاحب المقهى وهويعيد إليها الحياة..
لازال الرسم هناك ولكن للأسف رطوبة الإسكندرية طالته وقشرته وقام العاملون في المقهى بتغطيته ببعض الملصقات السينمائية للأفلام القديمة (زمن الأبيض والأسود) الأفلام التي كانت تدمنها قبل زواجها من "مازن" فقد جعلها تنسى هذا الشغف القديم وأغرقها معه في محيط من الأفلام الأمريكية بكل أنواعها لأنه يمل سريعا من بطء أحداثها على حد قوله 

لايزال الحائط يعرض لها صورته عندما كان يرسم معها أشكالا هندسية وزخارف متعددة الأنماط ومبهجة الألوان ..
تستعيد شعورها بيده الحانية وهي تسندها أثناء نزولها من فوق السلم كي تجدد باليتة الألوان ، كم كانت تشغر بالخجل ، برائتها في ذلك الوقت برغم بلوغها الرابعة والعشرين كانت سببا لانجذاب الكثير إليها ولكن كان حزمها معهم يجعلهم يرحلون سريعا إلا هو تمنت لو أنه مكث للأبد
أخيرا دخل إلى المقهى مع فتاتين انيقتين يضحكون جميعهم ويعلقون على الفيلم التافه الذي دخلوه عن دون قصد بديلا لفيلمهم المقصود الذي قد امتلأت قاعته عن آخرها
دخلوا يبحثون عن طاولة تسعهم، وعندما وجدوها وحيدة على الطاولة، اقترب هو منها 

- أووه "سهيلة" كيف حالك؟ 
- كيف حالك أنت؟ منذ زمن لم نتقابل، زميلاتك في العمل ؟(أشارت للفتاتين المنتظرتين بعيدا)
- لا هذه خطيبتي وأختها 
- الف مبروك متى تمت خطبتك ؟ 
- منذ فترة وقريبا سنتزوج
هل تسمحين لنا ان نتبادل معا طاولتك الكبيرة بهذه الطاولة الأصغر هناك؟
- بالتأكيد...
هل قلت لك أن معرضي الفردي سيكون قريبا في "معهد جوتة "، سأكون سعيدة جدا إذا استطعت حضور الافتتاح انت وخطيبتك...........
حسنا حسنا.....
والتفت مسرعا لخطيبته وأختها يناديهما حتى يتمكنوا من الجلوس إلى الطاولة قبل أن يسبقهم أحد إليها، فبعد انتهاء حفلة الثالثة عصرا في السينما المجاورة لهم دائما مايتوافد إلى هذا المقهى الكثير من الزبائن ويمتلأ المكان بعدما كان هادئا وفارغا...

انقذها جرس تليفونها من تحديقها في عيونه من بعيد 
-حسنا يامازن دقيقتين وتجدني أمام مسرح سيد درويِش، لن أتأخر أعرف أن الوقوف بالسيارات ممنوعا هناك لاتقلق...

انطلقت وعندما وصلت للشارع الرئيسي لقطت أذنيها أغنية عبد الوهاب تنطلق من محل الخردوات القريب
 " قالولي هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني........"
وصل مازن والأولاد بالسيارة وعادت للغرق في حياتها الأخرى الموازية






Sunday, October 13, 2019

بحث

أبحث عن أوزارك المموهة 
بين بقايا شعري المتساقط 
إثر تداعي ذكريات بليدة 

أبحث عن لمعة الشغف الأولى 
حين رآني قلبك 
بين معادن المشابك 
التي أعلق بها غسيلنا 
المتعرق كل يوم 

أبحث عن عطرك الصارخ 
الذي يعلق وسط أواني وجبتي الصباحية 

أبحث عن قلبك الآخر -الذي لاتدركه-
ذاك الذي يضحك لي وحدي
عندما تجتاح مدينتي السرية 

أبحث بلا فائدة 
فلا أجد إلابقايا راكدة 

أنكر يوميا أنها التصقت بي إلى الأبد


Tuesday, October 16, 2018

إلى أميمة عبد الشافي

الصداقة لاتموت 
لأنها تحمل المحبة بين يديها 
وتمشي بها فوق حبل رفيع 
ترفع بها إلى أعلى في محاولة لاتزان دائم
ربما ألقت بها في سلة الحياة المقززة
كي تنقذ روحا من السقوط..
تخبئ المغامرة في جيوب سرية لسترتها القديمة..
ولاتبالي بالثقوب ..
الصداقة لاتموت 
فقط تدخل في غيبوبة مطولة
تلتزم الاعتزال بأمر أطباء الروتين الحمقى

للصداقة قلب خاص ياصديقتي..
قلب لا يفنى ولا يستحدث من عدم 
لكنه يتقبل ببطء 
الدخول إلى غرف الإنعاش
وإعادة التدوير
يستوعب الأمر ويدركه بعد 
صدمات عديدة 
الصداقة هي القلب المزروع 
في جانبك الأيمن
القلب الاحتياطي 
الذي تتكئ عليه في ذروة الخيبات
تأكد فقط أنك لا تفرط في التخيل
فميزان الحياة لا يستطيع الاتكاء بتكافئ مستمر 
على كفتيه معا 


Wednesday, October 10, 2018

لاشئ يضاهي غموض أن تترك قصة بلا نقاط نهاية واضحة
 ان تتركها وتهرب
او تختفي
 وكأنها 
الحياة التي نريد أن نعرف آخرها ولكنها تأبى ان 
تطعم فضولنا
تستثير حدسنا 
حتى نظل معلقين في الهواء
كفقاعة صابون طارت لأعلى قبل أن نفقأها
 النهايات 
مخلوقات فضائية 
تعيش في فضاء أرحب لانراه 
تتكاثر ذاتيا ولاتموت أبدا 
خالدة لاتخشى الفناء 
كبني آدم الجبناء

Friday, September 28, 2018

يقولون كل شئ له أوان او له نهاية تلك الدقيقة في تمارين اللياقة التي تمنع جسدك من العودة إلى وضع التكور الجنيني .. وتتكئ فيها على مرفقيك تلك الدقيقة رغم صغرها المتناهي- -في عالم الوقت إلا انها تتمطى كسوار مطاطي لا تريد ان تتركه حتى لايلسع وجهك تشده بأقصى قوتك ولاتنتهي الدقيقة كل شئ له نهاية قد تطول او تقصر مثل تلك الدقائق الستين -(أشعر أنها دهر من محاولات اصلاح ماافسده الكسل)- أقضيها ككرة مطاطية فوق أرض خشبية تقفز قفزة صغيرة ثم ترتطم بالحوائط حتى تقفز الى اعلى ارتطم كي لا يتكور جسدي اقفز كي أشد من قامتي ولا أنسى ان اتمطى في النهاية كقطة صحت لتوها من نوم طويل

Tuesday, September 4, 2018

كل يوم تراودني -على الاقل- عشرة أحلام 
كل حلم كأنه مولود منذ عشرة ثواني 
تداعبني يداه الصغيرتان 
تلهب غرائزي 
تجددد خلايا جسدي الميتة 
ثم 
يسكب دلوا من الماء المثلج فوق رأسي
يدير لي ظهره استعدادا للرحيل
بسرعة أحاول قنصه 
ببندقية صيد قديمة..
وبسرعة أيضا أكتشف 
أنها خاوية من الرصاص

Monday, August 13, 2018

كنت أجمع كل الشتائم واللعنات
- التي أمنع انفلاتها عمدا - وأرمي بها في جعبة واحدة كي تؤازر بعضها بعضا او تأكل نفسها ..
أوحتى تأكل خجلي من مجتمع أحمق وتسرق من أيامي كل المجاملات المجوفة
التي حشوت بها مساحات الصمت المتعمدة تنتابني الآن رغبة عارمة
في إفراغ تلك الحقيبة ورميها قريبا خوفا أن يسقط قلبي من فمي!